المادة    
فإذا انتقلنا إلى وسائل التوجيه العامة، نجد أنه يقصر التعبير عنها، إن قلنا: إنها لا توجه الشباب توجيهاًً صحيحاًَ، فهذا التعبير قاصر جداً عن الحقيقة، بل نقول: إنها توجهه توجيهاًً سيئاً ومنحرفاً إلا ما ندر أو قل؛ أما الصحافة فإن الشاب يشتري الجريدة، فيجد فيها أربع صفحات أو أكثر -أحياناً- ملحقاً كاملاً كله عن الرياضة؛ ففيها لهو ولعب، وأخبار عن النجوم والأبطال، فمن هم هؤلاء النجوم والأبطال؟ علَّمنا شبابنا أن البطل هو بطل السينما، وأن النجم هو الممثل أو الممثلة وأن وأن...؛ فأصبح الشاب لا قضية له ولا هم له إلا هذه الأمور، وأكثر الشباب لا يشتري جرائد إلا لهذه الأمور، فإذا ترك هذه الأمور وهذا العفن أو نظر ومد بصره إلى الصفحات الأولى، فماذا يجد؟ سيجد أخباراً وقضايا لا تهمه، ولا تعيشها أمته، ولا علاقة له بها. ثم بعد ذلك نقول: الشباب مقصر، الشباب يقترف الإجرام، ونجد أكثر من عصابة من الشباب، وعندما حُقِّق مع عصابات سرقات أو مخدرات، اعترفت أنها رأت هذا العمل في الأفلام؛ فهل نتج عن هذا منع لهذه الأفلام؟ وقد حصل أن قُبِضَ على شاب في خلوة وفي زنا ثم عوقب -ولا بأس فهذا أمر قرره الله وشرعه الله- لكن هل حصل أن عاقبنا صاحب الفيلم أو صاحب الفيديو الذي أنتج الفيلم، والذي أثار غريزة هذا الشاب للزنا؟ وهل عاقبنا المجلة التي أفسدت فطرة هذا الشاب، ودعته إلى الفاحشة؟ وهل عاقبنا الذين يدفعون هؤلاء الشباب في مجالسهم وفي ملاهيهم وفي كازينوهاتهم أو في مقاهيهم وفي التبرج؟ بل بالعكس؛ فقد تهيأ أحياناً بعض هذه الأمور على أنها من أمور الترفيه العام، ثم إذا عمل الشاب شيئاً عوقب وجلد؛ ولذلك لم يصلح هؤلاء الناس اليوم.
  1. من أسباب انحراف الشباب

    أقول بكل أسف: لماذا لا يصلح الشباب الذين يسجنون؟
    فالأصل في المجتمع المسلم: أن من يقام عليه الحد أو يجلد أنه يتوب ويتطهر، وهو كفارة لـه كما في حديث عبادة المتفق عليه، والذي يبين أن العقاب كفارة لـه عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أما الآن هل يستقيم هذا الشاب؟
    لا، فمن يدخل السجن هذه الأيام يزداد إجراماً، لماذا؟
    وما أسباب ذلك؟
    لا نقول: إن السبب الوحيد أنه يفاجأ بفعله؛ بل كل ما فعله وما في ذهنه أن يفعله ينسق مع ما ترَّبى عليه، فلما عمل هذا العمل جاءه اللوم، وجاءه العتاب، وقمع وضرب وسجن، لماذا؟!!
    وقد يقال له: كيف تخلو بهذه الفتاة مثلاً؟!
    وكيف تتفق أنت وهي وتذهبون وتسافرون إلى مكان بعيد إلى الخارج؟!
    فيقول في نفسه: عجيب! كل يوم أنا أرى في الأفلام أناساً يختلون بنساء ولا قرابة بينهم! وكذلك أركب الطيارة، وأجد أن المضيفات ليس لهن محرم، ويخلو بهن الناس أيضاً، سبحان الله! وأيضاً أذهب إلى المستشفى فأرى الممرضات بدون محارم، ونحن لا نبرر ذلك لكن نقول: نحن على منهج مضطرب، ويجب أن نكون صادقين في تربيتهم أي: الشباب فمثل هذا يرى أنه يعاقب بشيء، تقول له نفسه وشيطانه: إنه يتمشى مع ما رُبي عليه، وهو مع ما يراه؛ ولكن لو أننا فعلاً جففنا كل منابع الشر ومنعناه عن الأمة، ونحن نعرف أن الشرع الذي حرم الزنا أول ما حرم النظر؛ لأن النظر وسيلة، وهذه قاعدة عامة من ديننا، والأمثلة عليها كثيرة جداً، لا نستطيع الآن أن نأتي بأدلة عليها، وهي قاعدة (سد الذرائع) فكل شيء محرم؛ فإن ما يؤدي إليه يحرم.